قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88709 مشاهدة
خطورة التفسير باللغة فقط

والآخرون الذين فسروا القرآن بمجرد ما يفهمونه من اللغة راعوا مجرد اللفظ الذي فهموه، يعني: عندهم فصاحة وبلاغة، وراعوا ما يجوز عندهم أن يريد به العربي، من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلِّم به ولسياق الكلام. يعني: ما نظروا إلى أسباب النزول ولا نظروا إلى سياق الكلام، ولا إلى دلالة النصوص، ولا إلى تفاسير السلف.
ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة. يحملون الكلام على محامل بعيدة، ويقولون: إن اللغة تحتمل ذلك. كما يغلط في ذلك الذين قبلهم. يغلط الآخرون الذين هم المبتدعة. كما أن الأولين يعني: المبتدعة كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن، كما يغلط في ذلك الآخرون. فالطائفتان كلاهما يغلطون في صحة المعنى، وإن كان نظر الأولين إلى المعنى أسبق ونظر الآخرين إلى اللفظ أسبق.
المبتدعة كالمعتزلة نظرهم إلى المعنى، وأما الذين يفسرون بالرأي فنظرهم إلى اللفظ. الأولون كالرافضة. والمعتزلة صنفان: تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، وتارة يحملونه ما لم يدل عليه ولم يرد به. وهذا يحصل في كل قوم يعتقدون اعتقادا، فيذكرون أو يتأولون دلالات الآيات، يتأولون دلالاتها فإذا جاءتهم الآيات التي فيها ما يخالف معتقدهم حملوها ما لا تحتمل.
مثال: ما يستدلون به كالمعتزلة على نفي قدرة الله تعالى يحرفون قوله تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ وقوله: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وقوله تعالى: فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وقوله تعالى: لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا .
فهذه الآيات لما كانت تخالف معتقدهم صعب عليهم أن يحملوها على مدلولها؛ فصاروا يحرفونها ويحملونها على محامل بعيدة، فيحملونها على أن المراد المشيئة التي ليست مشيئة عامة بل مشيئة خاصة ونحو ذلك؛ فيسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وما أريد به.
وتارة يحملونه ما لم يدل عليه ولم يرد به، وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا. فالمعنى الذي قصدوه يكون باطلا سواء الذي ينفونه أو الذي يثبتونه، ويتكلفون في كثير من الألفاظ التي لا يستطيعون أن يحرفوها، فيحملونها على محامل بعيدة، فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول. وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول. يعني: قد يكون الدليل غير ظاهر فيما ذكروه، ولكن المدلول الذي أرادوه يكون ظاهرا.